
لم تكن ميليسا غونزاليس، الأم الثلاثينية لطفلة صغيرة، تدرك أن محاولتها إنهاء علاقة مسيئة ستكلفها كل هذا العذاب.
في الأشرفية، داخل غرفة مظلمة في منزل (ط. ف)، تعرضت ميليسا لأبشع أنواع العنف: احتجاز، ضرب مبرّح، حرق، ومحاولة قتل متعمدة. جسدها كان الساحة، وصمت الجدران كان الشاهد الوحيد.
بحسب ما روت شقيقة الضحية، مادلين، لموقع “لبنان الكبير”، فإن علاقة جمعت ميليسا بالمعتدي على مدى ثلاث سنوات، تحوّلت مؤخراً إلى كابوس. “كان يضربها ويعنفها بصورة وحشية، خصوصاً بعدما بدأ يتعاطى المواد المخدرة، وكان يفقد السيطرة على نفسه”، تقول مادلين.
عندما لم يعد بإمكان ميليسا تحمل العنف، رفعت شكوى بحقه، ما دفعه إلى تهديدها قائلاً: “إذا ما بتسقطي الدعوى، بقتلك وبقتل بنتك”.
في محاولة خبيثة لحل الأمور ظاهرياً، استدرجها إلى شقته، لكنها اختفت فور وصولها، ما دفع عائلتها إلى إبلاغ القوى الأمنية.
لمدة ستة أيام، كانت ميليسا محتجزة، تتعرض للضرب المستمر، وسكب البنزين على جسدها، مع تعذيب جسدي ونفسي بشع، وصل إلى حد حلق شعرها بهدف تشويه منظرها وكسر كرامتها.
في لحظة شجاعة، وعلى الرغم من الألم، تمكنت من الوصول إلى شرفة المنزل طالبة النجدة من الجيران، الذين سارعوا إلى إبلاغ السلطات.
مادلين تروي وهي منهارة: “رأيت صور أختي على وسائل التواصل قبل ما شوفها بالمستشفى… ما تحملت المنظر”.
وبحسب المعلومات التي حصل عليها “لبنان الكبير”، تمكنت القوى الأمنية من توقيف الجاني، وتم أيضاً تحرير سيدة أخرى كان يعنفها.
وخلال مداهمة منزله، ضبطت مواد مخدرة، عدة هواتف خلوية، ومسدس. كما اعترف بترويج المخدرات إلى جانب ارتكاباته العنيفة.
أما عن الوضع الصحي للضحية، فتؤكد مادلين أن ميليسا منهارة تماماً، والحروق التي تغطي جسدها تفاقمت نتيجة احتجازها لأيام من دون تلقي أي علاج طبي.
وتختم مادلين كلامها:
“بدي حق أختي… بدي العدالة تاخد مجراها”.
جرائم العنف ضد النساء لم تعد مجرد أرقام في تقارير الجمعيات الحقوقية، إنها وجوه مشوهة، أجساد محروقة، وأرواح تنزف كل يوم في ظل تقاعس قانوني واجتماعي فادح.
صرخة مادلين اليوم ليست مجرد نداء شخصي، بل صرخة كل امرأة مهددة بالعنف. العدالة لميليسا ليست فقط واجباً أخلاقياً، بل إنقاذ لما تبقى من كرامة الإنسانية.