التوتر الكبير الذي شهدته مناطق لبنانية عديدة عقب إعلان الجيش نبأ مقتل باسكال سليمان، منسق جبيل في حزب “القوات اللبنانية”، فتح الباب أمام توترٍ كبير من الممكن أن ينتقل إلى كافة المناطق التي ينتشر فيها النازحون السوريون.
بالأمس، كانت الإعتداءات التي طالت النازحين بمثابة “جرس إنذار” لإندلاع مواجهة لبنانية – سورية، ومن الممكن أن تتحول هذه المواجهة إلى “حرب” في حال أراد “طابور خامس” الإستفادة من الحدث القائم واستغلالهِ أمنياً.
“سلاح النازحين” خطير
إنسانياً وواقعياً، لا علاقة لجميع النازحين في لبنان بالمتورطين في حادثة مقتل سليمان. إذا كان البعضُ من السوريين ضالعاً في الجريمة، فإن محاسبة الآخرين الذين لا يمتون إلى القضية بصلة من خلال الإعتداء عليهم، يُعتبر ردّة فعل خاطئة لكنها “محسوبة”، فـ”الدمّ فاير”، والحادثة التي تعرّض لها سليمان ممكن أن تتكرر مع أيّ مواطن آخر.
لكن، ماذا عن الجانب الآخر لتلك المواجهة بين اللبنانيين والسوريين؟ المسألة لا تقتصر على نازحين متواجدين في مناطق متفرقة داخل لبنان، بل ترتبطُ بخطر أكبر ويتعلق بـ”سلاح النازحين” الموجود داخل المخيمات المنتشرة في مختلف المناطق.
تلك المخيمات تُشكل عنواناً لـ”بؤر أمنيّة” من شأنها أن تتحرك العناصر منها باتجاه كل لبنان. الحديث هنا لا يعني “إرعاب” اللبنانيين أو إخافتهم ، بل هدفه تسليط الضوء على أنّ مسألة النزوح باتت تُمثل ثقلاً كبيراً على كاهل اللبنانيين، ليس فقط من الناحية الإقتصادية بل من الناحية الأمنية. لذلك، بات من الواجب على مختلف الأفرقاء التعاون مع الحكومة والذهاب بعيداً نحو الضغط باتجاه إيجاد حلّ لتلك الأزمة بالتعاون والتكافل والتنسيق مع المجتمع الدولي.
ماذا بعد قضية سليمان؟
السؤال الأكثر طرحاً الآن هو: ماذا بعد قضية مقتل سليمان؟ فعلياً، فإنّ خطوة “وأد” الفتنة مطلوبة بدرجةٍ كبيرة. وسط التوتر، تتجهُ أصابع الإتهام نحو “حزب الله” بضلوعه بتغطية تلك الجريمة التي وصفتها “القوات اللبنانية” بـ”الإغتيال السياسي”.
أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله نفى تلك الإتهامات، متهماً حزبي “القوات” و “الكتائب” بإفتعال الفتنة بعد تلك الحادثة… ولكن، هل ستنتهي الأمور عند هذا النفي؟ أوساط “القوات” تقول لـ“لبنان24” إنّ نصرالله حاول إطلاق إتهامات عشوائية ليبرر وجود سلاحه ولينفي تأثير وجوده على الحدود بين لبنان وسوريا، خصوصاً أن أغلب المناطق التي ينشط فيها الخاطفون خاضعة لسيطرة الجيش السوري، “حليف الحزب”، على حد تعبير المصادر.
في المقابل، فإن حادثة الطيونة وبعدها حادثة الكحالة كانت عنواناً بارزاً لحصول فتنة، لكن القوى السياسية المختلفة تداركت هذا الأمر، فتمّ وأد الفتنة و”نزع فتيل” الإنفجار علماً أن المسألتين كانتا في غاية الخطوة، لكن لبنان نجا من قطوعٍ صعب.
إذاً، فإن قضية مقتل سليمان يُمكن أن تجد سبيلها للحل إن حصلت “القوات” على الحقيقة الكاملة من قبل الدولة، علماً أن بيانها الصادر عنها بعد تأكيد نبأ وقوع الجريمة، ساهم في سحب شرارة التوتر من خلال الطلب من المحازبين والمناصرين إخلاء الشوارع.
الخطوة هذه منحت التحقيقات مجالاً أكثر للتوسع في خلفيات ما حصل، وإن تحوّل الشارع إلى مسرحٍ للغليان مثلما حصل يوم أمس، فإنّ الفتنة ستزدادُ بشدّة.
لهذا السبب، فإن أول خطوة لإنهاء أي “حرب سورية على أرض لبنان”، ولـ”وأد الفتنة” التي حصلت بسبب متورطين سوريين، هو صب كافة الإهتمام على الوجود السوري في لبنان، وذلك من خلال تنظيمه تمهيداً لإعادة النازحين إلى بلادهم، لأن لبنان بات مُثقلاً بمخاطر هذا النزوح.. فهل ستكون دماء باسكال سليمان مُمهداً للحل المُنتظر لأزمة عمرها 13 عاماً؟ وهل ستعمّ التهدئة مسرح جبيل وغيرها من المناطق بانتظار جلاء الحقيقة؟ الأيام المقبلة كفيلة بكشف كلّ ذلك…
المصدر: خاص “لبنان 24”