
في قضية أثارت الرأي العام لشدة مساوئها وضررها على الأطفال، تعرّض أكثر من 15 طفلًا، تتراوح أعمارهم بين 6 و7 سنوات، إلى تحرّش لفظي وجسدي خلال نشاط لا صفّي، أثناء قيام المشرف بتثبيتهم على الحبال الهوائية الخاصة بالنشاط.
صعوبة معاينة الأطفال
في التفاصيل، أرسلت مدرسة القلبين الأقدسين عين نجم الأطفال إلى ملعب vere bleue park يوم الثلاثاء، في منطقة الديشونيه – قضاء المتن، لتنظيم نشاط لا صفي. وتبين أن المشرف على تثبيت الأطفال ر.ح، وهو قاصر، يبلغ من العمر 16 عامًا (مواليد 2008)، ويعمل ضمن الفريق المشرف على الألعاب، أقدم على التحرش الجسدي بالأطفال خلال تثبيتهم على لعبة zipper line. استغل عدم وضوح الرؤية وتحرش بالأطفال خلال تثبيتهم على الحبال. وتشير المعلومات إلى أنّ معلمات المدرسة لم يكنّ موجودات إلى جانب الأطفال خلال النشاط المعني، نظراً لطبيعة النشاط فوق الأشجار. وفي المكان الذي كنّ ينتظرن فيه الأطفال في الأسفل يصعب مراقبة ما يحدث خلال تثبيت الأطفال على الحبال الهوائية، ما سهّل وقوع الانتهاك.
انفجرت الحادثة اليوم، الخميس، مع تقدّم مواطنين بإفادة أمام فصيلة برمانا، أفادوا فيها بأن ابنتهم تعرّضت لتحرّش داخل أحد الملاعب المفتوحة في المنصورية. وسرعان ما دوّت القضية في الرأي العام، كاشفة هشاشة هذا القطاع الذي يختبئ خلف لافتة “الفرح”. فمع انتشار اسم المدرسة في وسائل الإعلام، سارعت إدارتها إلى التواصل مع وزارة التربية، التي تحركت بدورها بسرعة، للمساعدة في احتواء هذه الفضيحة.
الإدانات والاستنكار
المدرسة المعنية أبلغت وزارة التربية والتعليم العالي بالحادثة صباح اليوم، ووفق ما جاء في بيان الوزارة، فقد اتخذت إجراءات الحماية المعتمدة، وأبلغت مصلحة الأحداث في وزارة العدل، متّخذة صفة الادعاء على من يظهره التحقيق. وتتابع الوزارة، عبر وحداتها التقنية والإدارية، مجريات التحقيق مع المعنيين، وتسعى إلى وضع خطة شاملة لتأمين الدعم اللازم للأطفال وذويهم، بالتنسيق مع إدارة المدرسة.
وأصدرت المدرسة بيانًا استنكاريًا شددت فيه على “رفضها الشديد لهذا التصرف الشائن”، وأكدت أنها “لن تتوانى عن اتخاذ كل الإجراءات الضرورية، حرصًا على سلامة تلامذتها وكرامتهم”. وأوضحت أنها تحرّكت لدعم الأطفال ومواكبة ذويهم على الصعيدين التربوي والنفسي، لمعالجة تداعيات هذا الحادث الأليم والمرفوض بكل المعايير، ولضمان حماية التلامذة”.
من جانبه، تنصّل المدير التنفيذي للموقع الترفيهي شربل سويد من الأمر وبرر لـ”المدن” أن “الإدارة قامت بكل ما عليها، وتتعاون مع القضاء”.
وبحسب مصادر في وزارة التربية صرّحت لـ”المدن”، فإن “مئات القضايا المشابهة وقعت في مدارس ومؤسسات أخرى، ولم تُواجَه بأحكام مشددة، وهو ما يستدعي تشددًا أكبر في هذه الملفات”. فالمشكلة في هذه القضايا أن القضاء يتحرك بعد الاحتجاجات التي تحصل على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن لا أحكام مشددة رادعة اتخذت بعد.
قطاع بلا رقابة على اتعاب الصيف
قضية ملعب vere bleue park انفضحت بسبب جرأة الأهل على كشف المستور. لكن تبقى عشرات الحالات الأخرى مخفية في مؤسسات مشابهة، لا تجد من يتولى التحقيق فيها أو محاسبة القائمين عليها.
وتضيف مصادر التربية أن هذا القطاع الترفيهي يحتاج إلى جهة رقابية مستقلّة تتابع هذه الشركات والمؤسسات الترفيهية، وتفرض معايير صارمة للتوظيف والإشراف على المدربين. وهذا الأمر يعتبر ملحاً لا سيكما أننا على أبواب موسم الصيف، لأن الأهل يلجؤون إلى تسجيل أطفالهم بمخيمات صيفية أو أنشطة صيفية مختلفة. وغالبية هذه المرافق لا تخضع لأي رقابة فعلية، لناحية التوظّف من دون معايير، ومن دون تدريب أو متابعة. وتعهد الأطفال لمُشرفين لا يملكون الحدّ الأدنى من التأهيل النفسي والتربوي للتعامل مع فئات هشّة تحتاج إلى حماية حقيقية لا شعارات.
مع غياب منظومة المساءلة، تتحوّل احتمالات التحرّش والانتهاك من استثناء إلى خطر دائم، لا يجد ما يردعه. ما يستدعي من وزارتي الرياضية والشباب والشؤون الاجتماعية، بالتعاون مع وزارة التربية، وضع ضوابط لهذه المرافق والمؤسسات.