يستمرّ التصعيد العسكري في المنطقة ويصل الى حدوده القصوى في ظلّ الاشتباك الذي بات بالمباشر يسير على حافّة الهاوية بين الجمهورية الاسلامية في إيران من جهة واسرائيل من جهة أخرى. وهذا التصعيد قد يؤدّي الى حرب شاملة في المنطقة لن يكون من السهل إيقافها.
وبالتوازي مع مسار التصعيد العسكري هناك من يعتقد أنّ الاشتباك الحاصل يهدف بشكل عملي للوصول الى حلّ سياسي، وأنّ ما يحصل اليوم هو أقصى درجات التصعيد التي قد تصل اليها المنطقة، إذ لا أحد على الاطلاق، باستثناء رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو، يرغب بتدحرج الحرب وتوسّعها في الشرق الأوسط.
لكن هذه الحرب المحدودة التي قد تتفلّت في لحظة حساسة باتت مرتبطة بخطأ تكتيكي من هنا وخطأ في الحسابات من هناك؛ ففي حال لم يكن الردّ الايراني محسوباً بهذه الدقّة، أو في حال تعطّلت إحدى قواعد الدفاع الجوية لدى اسرائيل أو حلفائها كيف كان ليكون المشهد؟! كذلك في حال ردّت اسرائيل على طهران وأدّى هذا الردّ الى وقوع خسائر كبيرة في الأرواح او في القواعد العسكرية فكيف سيصبح الوضع؟ هل ستبقى الولايات المتحدة الاميركية تفضّل الحياد رافضة التدخل بصورة مباشرة في الحرب؟ أم أنها ستكون طرفاً واضحاً فيها؟
تقول مصادر سياسية متابعة أن الكرة اليوم في ملعب طهران، حيث أن واشنطن قد أبلغت إيران أن إسرائيل لن تبادر الى ردّ آخر إذا ما قامت ايران بضبط وكلائها في لبنان واليمن. وتشير المصادر الى أن الولايات المتحدة الاميركية ترغب أيضاً بأن تضغط ايران على المقاومة في فلسطين من أجل الذهاب الى صفقة يفرج فيها عن الرهائن، مؤكدة انفتاحها على الإتفاق النووي. وتعتقد المصادر أنه في حال استمرت هجمات “حزب الله” من لبنان و”الحوثي” في البحر الاحمر، فإنّ ذلك يعني استمرار إيران في التصعيد، وبالتالي فإنّ واشنطن لن تكون مُلزمة بالضغط على إسرائيل ومنعها من أي ردّ.
وتضيف المصادر أنه من الواضح أن ثمة حلا للحرب على غزّة بدأ يلوح في الأفق، لكنّ الأمر يحتاج الى تنازلات من قبل طرفي المعركة، ومن المتوقّع أن تضغط اميركا للتراجع عن عملية رفح اضافة الى عدم الردّ على الضربة الايرانية، في مقابل بعض التنازلات من “حماس”، الامر الذي من شأنه أن يؤدّي الى وقف النار في قطاع غزّة والوصول الى تسوية طويلة الأمد.
بالتوازي مع كل المخاطر التي باتت تُحيط بالمنطقة واستمرار الحرب على قطاع غزّة، وإن بوتيرة أخفّ، يبدو أن هناك سباقا حقيقيا بين العملية التسووية والمفاوضات السياسية التي تحصل، وبين مسار الحرب والتفلّت النهائي في المنطقة. وهذا ما لا يمكن حسمه في المدى القصير، انما يحتاج لفهم كل طرف لنقاط قوّته وضعفه ليدرك طبيعة التنازلات وكيفية الحصول على المكتسبات.