
كم مرة وجدت نفسك مضطراً الى إخفاء شاشة هاتفك أو حاسوبك، خجلاً من إعلانات أو فيديوهات ذات طابع جنسي تظهر فجأة ومن دون سابق إنذار؟ سؤال بات شائعاً في أوساط المستخدمين لمنصة “إنستغرام”، خصوصاً في ظل تصاعد عدد المقاطع ذات الطابع الإباحي التي تظهر على صفحات الاستكشاف (Explore) أو بين الـ Reels، حتى لأولئك الذين لا يبحثون عن هذا النوع من المحتوى أو لا يتفاعلون معه.
فما الذي يحدث؟ ولماذا نشاهد هذا المحتوى رغماً عنّا؟
خوارزميات “تفترض” اهتماماتك
يعتمد “إنستغرام” على خوارزميات معقّدة تحدد نوعية المحتوى الذي يظهر للمستخدمين، بناءً على عوامل عدّة، وفق المتخصص في الحقوق الرقمية، عبد قطايا، لموقع “لبنان الكبير”، أبرزها:
- تفاعلاتك السابقة (الإعجاب، الحفظ، المشاهدة الكاملة، أو حتى التمرير البطيء).
- اهتمامات متابعيك أو الحسابات التي تزورها.
- المحتوى الرائج في منطقتك الجغرافية.
بالتالي، قد يكفي أن تمرّ ببطء على مقطع معين أو تزور حساباً ينشر أحياناً محتوى جنسياً مموهاً، لتبدأ الخوارزمية بتقديم محتوى مشابه.
محتوى مموّه، وإعلانات مدفوعة
ويشير قطايا الى أن الكثير من منشئي هذا النوع من المحتوى يستخدم أساليب ملتوية، كإضافة هاشتاغات لا علاقة لها بالمضمون (مثل #سفر أو #طبخ)، بهدف خداع الخوارزمية وجذب مشاهدات أكبر. في المقابل، تسجّل تقارير مستخدمين تزايداً في الاعلانات المدفوعة ذات الطابع الإيحائي، التي تمرّ أحياناً من دون تدقيق كافٍ من فريق مراجعة المنصة.
هل يمكن تفادي هذا المحتوى؟
وبحسب قطايا، على الرغم من صعوبة التحكم التام بالمحتوى الذي يعرضه “إنستغرام”، إلا أن هناك خطوات فعالة للحدّ من ظهوره:
- اضغط “غير مهتم” (Not Interested) عند ظهور أي محتوى غير لائق، اضغط مطولاً على المنشور ثم اختر “غير مهتم”، لتساعد الخوارزمية على فهم تفضيلاتك.
- أعد ضبط سجل التفاعلات: توجه إلى الإعدادات > نشاطك > التفاعلات، وقم بإزالة الإعجابات أو المشاهدات القديمة التي قد تكون أثّرت على توصياتك.
- راقب الحسابات التي تتابعها: تأكد من أنك لا تتابع حسابات تنشر محتوى مموهاً أو تتفاعل مع منشورات خادعة.
كيف نحمي أطفالنا؟
وفي ظل تزايد المحتوى الإباحي والمُضلّل على منصات التواصل، يبرز تحدي حماية الأطفال من التعرض لمشاهد غير مناسبة على “إنستغرام”.
وفي حديثها لموقع “لبنان الكبير”، اعتبرت المتخصصة في الحماية الأسرية، رنا غنوي، أن المحتوى الجنسي المنتشر عبر “الريلز” ومواقع التواصل “نادراً ما يكون تثقيفياً، وغالباً ما يُقدَّم بصورة مبتذلة يُفرض على الأطفال من دون رقابة أو وعي”.
وأوضحت غنوي أن “التحكّم الكامل بالمحتوى الرقمي بات شبه مستحيل في عالم يُنشأ فيه أكثر من مليون موقع بالدقيقة”، داعيةً إلى اعتماد “أسلوب تربوي يعزّز مرونة الأطفال وحصانتهم، بدلاً من المنع”.
وأضافت: “كمن يمنع أولاده من البحر خوفاً من الغرق، بدلاً من تعلّم السباحة. علينا تزويد الأطفال بمعلومات جنسية مناسبة لأعمارهم، لئلا يذهبوا الى استكشافها في أماكن خاطئة”. وأكدت أن “الطفل الذي يعرف، لا ينجذب الى المحتوى المبتذل لأنه ببساطة لا يجهله”.
في الختام، ما يظهر على شاشتك ليس دائماً انعكاساً لما تبحث عنه، بل نتيجة منظومة تقنية لا تخلو من الثغرات. والمطلوب ليس وعي المستخدم وحسب، بل أيضاً مسؤولية أكبر من المنصات في مراقبة ما يُعرض أمام ملايين العيون.